(5)
مراسم تعيين عرب الصقر
(المفارجة) الطائية ظاهر العمر رأسا عليهم:
في القرن الثامن عشر وجه الأمير إرشيد الجبر في العقد الثاني من القرن الثامن عشر الدعوة الى مشايخه، لحضور ديوانه للنظر في ما آلت اليه الأمور من حروب مع جبل نابلس، والتخطيط للإيقاع بحلف إبن ماضي والجرار، وتخريب علاقتهم بالوالي العثماني في صيدا. وكأن لسان حاله يقول إن الغرض من هذا الإجتماع هو إستعراض الأوضاع والتخطيط للمستقبل. تقاطرت مشايخ عشائر عرب الصقر الى بيت الأمير، وبعد تناولهم الطعام ، هناك ، في وسط مرج بن عامر، طرح عليهم الأمير إرشيد موضوعه، صابا جام غضبه على العثمللي ( العثماني)، مبينا أن الوالي العثماني، هو منافسهم الرئيسي في الحصول على أرزاقهم ، وهو المشارك لهم في إقتسام لقمة العيش، مبينا لهم أيضا، أنه كلما حاولوا فرض خاوة (أتاوة) على قرية من القرى، سارع الوالي العثماني، في صيدا، الى ثني تلك القرية عن دفع الخاوة الى عرب الصقر، ودفعها للدولة بدلا من ذلك ، لا بل كانت بعض القرى تدفعها مرتين، للدولة مرة وللصقر مرة أخرى ، ثم أن الوالي لم يكتف بهذا الحد، بل ذهب الى تأليب أهل البلاد، والزعامات المحلية على مقاتلة عرب صقر، فجردت قرى جبل نابلس جموعها وأخذت تغير على الصقر ، مما أدى الى وقوع المزيد من القتلى في صفوف الصقر، وهذا الأمر يؤدي ومع مرور السنين الى إضعافهم، وتغلب جبل نابلس بزعامة إبن ماضي المتمركز في بلدة إجزم جنوب حيفا ، وابن جرار المتحصن في قلعة صانور بين جنين ونابلس. هذا ما بحثه أمير عرب الصقر إرشيد الجبر مع شيوخ عشائره، والذين يمثلون زهاء عشرين ألف نسمة كما ورد في المخطوطة، وعديد
خيولهم خمسة آلاف فرس وجذعاء ، فوضع النقاط على
الحروف، محددا المخاطر المحدقة بهم، والمستقبل الذي ينتظرهم، وحث مشايخه على أن
يعيدوا حساباتهم، لئلا يكونوا فريسة لغيرهم ، وهم ورثة البلاد من أجدادهم المفارجة
، الذين أراقوا دماءهم الطائية الزكية على أرض فلسطين عبر ألف عام ...
إتخذ أمير الصقر بنفسه قرارا بإنتداب أحد رجالات أسرة الزيادنة زعيما رمزيا للصقر، فعرض الأمير الأمر على مشايخ عشائره، الذين لم يعارضوا رأيه، فقرر مع نخبة من مشايخه النزول على الزيادنة في عرابة البطوف الواقعة الى الغرب من طبرية،
جمع رشيد الجبر، أمير عرب الصقر، مشايخه، وكان من الدهاء ، والعقل، والرأي، والتجربة الغاية، واستشارهم في هذا الأمر. وقال لهم: لو كان العثملّي يقف معنا على ميرهه، ولا يتعدى عوايده، كنا نحن توقفنا عن الفساد في الطريق، ولكن لا هو يقف معنا، على حدة معنا، وإذا مددنا يدنا إلى الطرق، يحث علينا أهل البلاد، لتغزونا، كما رأيتم من حكام جبل نابلس
، وإذا قمنا نحن أمام أهل نابلس، ربما نقاومهم، غير أنهم ، هم أكثر
بآلام العثملي معهم، فإنهم به، يهيجوا أهل البلاد للإتحاد معهم على غزونا، فإن
الرأي السديد الذي أراه أن نختار أحدا من أهل البلاد، نقيمه علينا رأسا، ونكون في
طاعته، ونغزوا النوابلسية، أو غيرهم من الذين يغريهم العثملّي بنا، فعند ذلك، لا
يقدم أحد من أهل البلاد ضدنا، لكون راسنا منهم، والغزو إسمه عليه، فلا يكون من أهل
البلاد عداوة، بل بالخلاف، ربما تصير جميع البلاد معنا. ثم، وأنتم قد عرفتم بيت
الزيادنة، وما هم من الكرم، والجود، وحبهم لنا، وصنعهم معنا، ونحن الذين أتينا بهم
إلى هذه البلاد، وقد شاع صيتهم، بكرمهم، وجودهم، وفراستهم، وملكوا قلب الناس، وقد
سمعتم ما جرى بينهم وبين باشا صيدا، لأجل ظلم أتباعه أهل عرابة، وقد أخذوا الباشا،
في أنهم يكونوا المتولين في عرابة من قبل الباشا.
(كان محمد باشا)، أرسل لعرابة متسلم، ليحضر ميرة البلد، فنزل المتسلم، وقبض الميرة، المقادة عليهم، ثم بعد ذلك، طلب أجرة طريقه منهم، فاجتاح عليهم به، وطلب منهم فوق طاقتهم، فبعد أن دفعوه له، تقدم إلى خدمه، ونهب بيدرهم، فاغتاظوا من ذلك أهل البلد، وأوقعوا بالمتسلم، وقبضوا عليه، وقصدوا قتله، فعرف بذلك سعد وظاهر أولاد عمر، فتسلحوا مع حاشيتهم، وأولاد عمهم، وأتوا، وتوسطوا القضية، بكل لين ولطافة، فخلصوا المتسلم من أهل البلاد، ورجعوا له أجرة الطريق، وردوا لأهل البلد نهبهم، وأخذه سعد، وأكرمه في بيته، وثاني يوم ركب هو وأخوه ظاهر معه، وأتوا إلى صيدا، عند محمد باشا ، وأعرضوا عليه ما وقع، فشكرهم على ذلك، وأراد يوقع بأهل البلدة، فتلطفوا به، إلى أن عفى عنهم، وترجوه أن لا يلزم، يرسل للبلد أحدا من أتباعه، بل هم خدامه في ذلك، بكل عام، يحضروا له ميرية البلدة، وعوائد متسلمها أيضا، بغير أجرة، فقبل ذلك، وأعطاهم ولاية عرابة، فرجعوا مسرورين، بولايتهم، وسرت بهم أهل البلد..... فإن شئتم، أن نختار منهم، أعقلهم،
(كان محمد باشا)، أرسل لعرابة متسلم، ليحضر ميرة البلد، فنزل المتسلم، وقبض الميرة، المقادة عليهم، ثم بعد ذلك، طلب أجرة طريقه منهم، فاجتاح عليهم به، وطلب منهم فوق طاقتهم، فبعد أن دفعوه له، تقدم إلى خدمه، ونهب بيدرهم، فاغتاظوا من ذلك أهل البلد، وأوقعوا بالمتسلم، وقبضوا عليه، وقصدوا قتله، فعرف بذلك سعد وظاهر أولاد عمر، فتسلحوا مع حاشيتهم، وأولاد عمهم، وأتوا، وتوسطوا القضية، بكل لين ولطافة، فخلصوا المتسلم من أهل البلاد، ورجعوا له أجرة الطريق، وردوا لأهل البلد نهبهم، وأخذه سعد، وأكرمه في بيته، وثاني يوم ركب هو وأخوه ظاهر معه، وأتوا إلى صيدا، عند محمد باشا ، وأعرضوا عليه ما وقع، فشكرهم على ذلك، وأراد يوقع بأهل البلدة، فتلطفوا به، إلى أن عفى عنهم، وترجوه أن لا يلزم، يرسل للبلد أحدا من أتباعه، بل هم خدامه في ذلك، بكل عام، يحضروا له ميرية البلدة، وعوائد متسلمها أيضا، بغير أجرة، فقبل ذلك، وأعطاهم ولاية عرابة، فرجعوا مسرورين، بولايتهم، وسرت بهم أهل البلد..... فإن شئتم، أن نختار منهم، أعقلهم،
وأفرسهم، وندعوه، ونقوه...
الشيخ
فايض، والشيخ قعدان، وجميع مشايخ عرب الصقر إستصوبوا رأي اميرهم رشيد الجبر.
فقالوا له: الذي تراه ، أيها الأمير. فقال لهم: أمضي أنا والشيخ قعدان، والشيخ
ناصيف، ونتوجه لعرابة، نجعل أنفسنا جايزين، ليس متقصدين، وندخل عندهم، ولهواف
أتكلم، لنختبر أعقلهم، ونتفق معه، فقالوا سمعا وطاعة. فقاموا وركبوا، وأتوا إلى
عرابة، وأتوا بيت الزيادنة، وطرقوا على باب سعد، فخرج إليهم، وتلقاهم بالرحب
والسعة، حسب عوايده معهم، وأنزلهم بالكرامة، ففي المساء، حضروا جميع أولاد عمه،
وأخوه، وجلسوا بعد العشاء يتداولوا. فقال لهم الشيخ رشيد الجبر: أريد أرم عليكم مسألة.
فقالوا له: علامك يا أمير؟ قال: هذا رمحي، وقام فقبض على رمحه. وقال: أريد أجعل
هذا الرمح، واقفا على أرض من حجر الصوان، فأخبروني ما الحيلة به؟ فكل قال قوله.
فأسعد قال: هذا طلب المحال. وبعض بني عمه قال: يحتاج تخرق الحجر بالمنقر أولا،
وتخرج. وآخر قال: كلام آخر ليس المقصود، إلى أن جاء الدور إلى ظاهر. وكان أصغرهم
سنا فقال: أيها الأمير! هذا سهل ما يكون.
فقال له الأمير رشيد: كيف؟ قال له: هات إيدك، وامسكه أمامي، فمسكه أمامه، ومن ظاهر
يده، ومسك الرمح أمامه، جاعلا يده أعلى من يد الأمير رشيد. فقال له الأمير رشيد:
وبعد؟! قال: وبعد! هو، هو ، الرمح واقف، هل تعلم أن الرمح يقف أو يغرز في حجر
الصوان، إلا أن تسنده سواعد الفرسان؟! فأعجب به الأمير رشيد. فقال له: إن أكن رأيت
ما رأيت، فما يمنعني أن أقول: أني لك أتيت يا ظاهر، فأنت لتلائم تلك الكلام، وباتوا
تلك الليلة، وتكلم رشيد الجبر، مع أكبر مشايخه. وقال لهم: كيف رأيتم؟ قالوا له:
رأيك. قال: والله أخذ عقلي هذا الغلام، ولكن الزجر، أنه ربى، فغمني، حيث كان وضع
يده فوق يدي، لأنه يدلني على أنه يملكنا، فلا نعود نقدر مخالفته، ويعلو علينا
كثيرا، ولكن لا يأتين منه بقدر ما قدره عليه، لم يرد ما هو مكين، ولا يمنعني ذلك،
من أن أختاره، أدعوا لنا سعد، قبل النوم، فأرسلوا أخبروا سعد، فنزل لهم. وقال:
خيرا تعلم أيها الأمير. قال: ألا تعلم لم أتيت؟ قال: لا إلا زائرا لتشكر، فتحية
لمجيئكم بنا، لتنظر سلامتنا. قال: ما تعديت هذا أولا، ولكن أتيت أيضا، لأختار منكم
واحدا أقيمه علينا، ويكون رأسنا، ونحن طوعه، وفي ظهره، وننتهض من الباشا في صيدا،
ومن ماضي شيخ مشايخ نابلس، وظلمهم لنا. فقال له سعد: وما نكون نحن أيها الأمير؟
فقال له: ما عليكم، وأنا إخترت أن أقيم ظاهرا علينا كبيرا، وأخرج به. فقال له سعد:
كلنا أمامك، وهذا يفرحني كثيرا، لأنه ليس أخي فقط، وشقيقي. فقال له: أرسل أحضره
معنا، فأرسل سعد، وأحضره، وإعتمد خيرا
(المصادر.- كتبه علي بن فلاح الملاحي الصقري مؤرخ عشائر عرب الصقر (المفارجة) الطائية العريقة إربد – الأردن )
(المصادر.- كتبه علي بن فلاح الملاحي الصقري مؤرخ عشائر عرب الصقر (المفارجة) الطائية العريقة إربد – الأردن )
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم بين اخوانكم في قبيلة الزيادنه ، ومشاركتكم موضع ترحيبنا وتقديرنا
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.